
الأسئلة البديهيّة عن الذات والآخرين، ترافقنا منذ الطفولة، تزداد في مرحلة المراهقة، وتتلقى إجابات جاهزة بعدها، حتى تأخذنا الحياة من فضولنا الديني والطائفي، فنرتاح ظاهريّاً لما تربينا عليه وعرفناه، ولا نجرّب حتى مناقشته أو معرفته من جديد، إلى أن يحدث حادث ما، أو يجيئ سؤال من طفل صغير، أو تتمُّ دعوتنا لمناسبة اجتماعية، أو نسمع في الأخبار مصطلحات وتصريحات غريبة علينا، أو يشتعل نزاع جديد، وقتها نعود للسؤال، وقد لا نعود أبداً.. وهنا يُسيطر الجهل والافتراضات ونصمّ الآذان عن الحقيقة ونتبنّى ما تمّ تلقيننا إياه ونتصرف ونتعامل على أساسه.. وهُنا ينقسم المجتمع مجتمعات، ليس على أساس التمايز، بل على أساس الجهل بالآخر أو وضعه في قالب غير حقيقته..
في بحثنا المستمر عن الآخر يحاول المجتمع ايقافنا، يضع أمامنا بعض المقولات والثوابت المتوارثة، فيغلق علينا الأسئلة، ويجعلنا أسرى الموروثات العائلية والطائفيّة والقومية والدينية والمجتمعيّة والطبقيّة والسياسيّة، وما يتراكم فوق هذه التأثيرات مما نتلقاه في الشارع والمدرسة، والجامعة، وأماكن العمل، وحتى الترفيه.
بدأ فضولي تجاه الآخر يتشكل باكراً، كانت الإجابات العائليّة مقتضبة جداً ولا تساعد على الفهم، هي إجابات شبه قاطعة، تساعد على الصمت فقط، في المؤسسة الدينيّة حيث انضممتُ باكراً كانت الإجابات أشدّ قطعاً وأكثر حسماً، وكانت غير قابلة للحوار أو النقاش، هي مسلّمات. في الحي والمدرسة بدأت الإجابات الكثيرة المختلفة، المتناقضة وأحياناً العنيفة، مع استخدام الانترنت بدأت الأسئلة تنتج أسئلة والاجابات كفوضى لامتناهية، وعلى كثرة المعلومات، كانت الشائعات والاتجاهات والمواقف تبدو أشدّ وضوحاً، في البحث عن الآخرين، يبدو الانترنت كلوحة فنيّة من ألف طبقة، كلّما أتى رسام مسح ما قبله وأعاد تشكيله.. هل تظنون الأسئلة كانت معقد إلى هذا الحد؟ لا. الأسئلة كانت تتمحور في اتجاهين، من نحن ومن هم.. وكيف أصبحنا نحنُ وكيف صاروا هُم!
مع الوقت صارت هذه الأسئلة تعنيني أكثر، من منتدى في احدى المقاهي الشعبيّة، إلى حوارات طلابيّة، إلى برامج مدنيّة وحتى مبادرات مجتمعيّة، بدأت أدركُ شيئاً واحداً مهمّاً، في الاعتقادات لا يهم ما نريد للآخر أن يكونه، المهم أن نسمع وندرك ما يريده الآخر، وهذا ما دفعني عند تحويل مساري الأكاديمي من العلوم السياسيّة إلى دراسة الماستر في العلاقات الإسلاميّة المسيحية إلى الاهتمام بصورة الآخر في مناهجنا المدرسيّة، وفي رحلتي لإنجاز الرسالة لمستُ حاجتنا إلى التعرّف على الآخر ونحن يافعين وكيف أنّ مناهجنا المدرسيّة القديمة والمطوّرة تدفعنا للافتخار بالتنوع بمجتمعنا ولكنها لا تتناول هذا التنوع أو تعرّفه ولهذا كانت هذه البوابة، محاولة!
التنوع في سورية
بوابة إلكترونيّة تسعى لتثمين مفهوم التنوع في سورية من خلال اكتشافه!
نتناول هُنا لمحة وافية عن سورية، ونعرض المكونات السوريّة القوميّة والدينيّة ونقدّمها كجزء من الكّلّ السوري الغني، في البوابة أيضاً مساحة للتدوينات التي تناقش فكرة العيش معاً ومساحة لمكتبة من الكتب والدراسات المتعلقة، كما توفر فرصة للبحث المبسّط، وتعتمد البوابة على الإغناء المستمر بالمواد المكتوبة والصور المفيدة وهي مفتوحة أمام المدونين والمهتمّين، في هذه المنصّة نعمل على جمع وتنسيق المحتوى المفيد وليس إعادة اختراعه، نحن نكمل ما بدأه الآخرون في تناول سورية ومكوناتها.
شارك في إغناء البوابة مجموعة من المهتمّين والمُدوّنين، شكراً لجهودكم!
أنطوان مقديس – رضا زيدان – شهد حمّال – عبد الله الجدعان – أوهانيس شهريان – نعيم مطر – يزن معمار – فواز الشعراني – غنى محمد – سيرسا عثمان – حسين حميدي – حسن عطّار – عبود الكزبري – غيث صندوق، وآخرون.
