
رامي جمال الشعراني- زيارة مقام عمار بن ياسر
جماعة دينية غير تبشيرية يقيمون بشكل أساسي في بلاد الشام، وتقطن أكثريتهم العددية في سورية. تعود تسمية الدروز نسبة إلى أحد دعاة المذهب الأوائل واسمه (نشتكين الدرزي)، إلا أنهم يرفضون هذه التسمية معللين ذلك بأن هذا الداعِ كان قد ضل فيما بعد سبيل الحق وعزله أئمة المذهب ودعاته الآخرين، لذلك هم يفضلون التعريف عن أنفسهم بالموحدين أو المسلمين الموحدين. نشأت الدعوة التوحيدية في فضاء الدولة الفاطمية في مصر وبالتحديد في عهد خليفتها السادس، المنصور بن العزيز الملقب بالحاكم بأمر الله سنة 408 هجرية.
الدروز وكما يعرِّفون عن أنفسهم؛ هم فرقة إسلامية تفرعت عن الشيعة الإمامية الإسماعيلية وتبلورت كدعوة خلال الدولة الفاطمية وتحديدا في ظل ولاية الحاكم بأمر الله الفاطمي[1]. وإن رسالة الإسلام بحسب العقيدة الدينية للموحدين الدروز؛ قد تبلورت من خلال تكامل التيارات والاتجاهات، حتى اكتملت في المسلك التوحيدي الدرزي[2]. أما التوحيد بالنسبة لهم كمسلك فقد بدأ منذ بدأ الإنسان العاقل، وأخذ مفهوم الإنسان له يتطور عبر الأزمنة والأدوار، وقد استنبطته الشرائع الإلهية والمسالك العرفانية حتى برز في شكله الأخير في الإسلام، وترعرع في الشيعة، وتبلور في الإسماعيلية وامتازت معالمه وبدت في دعوة التوحيد[3].
الدروز عرب أقحاح، يتحدثون اللغة العربية، ويرجع أغلبهم أنسابهم إلى قبائل بني تنوخ . تتسم بعض المعتقدات الخاصة بهم بالسرية لأسباب عدة، يعزيها البعض منهم إلى ظروف تاريخية سياسية، بينما يصرح أهل الخاصة من رجال الدين بأنهم مكلفون بذلك وفقًا لما تمليه تعاليم التوحيد من التقية. أما أبرز المعتقدات الشائعة لديهم، هو الاعتقاد بالتقمص، أي انتقال الروح من جسد إلى آخر بعد وفاة الشخص. ويجتهد بعض أفراد الطائفة في شرح ذلك إلى أنه انتقال يتسم بحسب أعمال الفرد إما بالدنو والابتعاد عن الخالق، أو بالسمو بالنفس والروح حتى تتحد ببارئها. ويعرف عن الدروز بأنهم غير تبشيريين أي أنها طائفة لا يتم الدعوة إلى اعتقاد ما تعتنقه من المعتقدات كونهم قد أقفلوا باب الدعوة في عام 434 هجرية.[4]
يتوزع الدروز في سورية على عدد من المناطق المحدودة والتي تتركز غالبها في جنوب البلاد. حيث تعتبر محافظة السويداء هي المنطقة التي تضم التجمع الأكبر لهم، إضافة إلى كل من جرمانا وصحنايا والدير علي في ريف دمشق، وعدد من قرى جبل الشيخ التي تتبع منطقة القنيطرة وحتى الجولان المحتل. ولهم تواجد قديم في حي باب مصلى الدمشقي فيما يعرف إلى اليوم بحارة (التيامنة) أو حارة الدروز. كما يوجد ما يقارب 18 قرية يقطنها الدروز في منطقة جبل السماق في محافظة إدلب شمالي البلاد. وتبلغ أعدادهم على امتداد الجغرافية السورية وفق آخر الإحصائيات بما يقارب 700 ألف نسمة.
يؤمن الدروز بالكتب والرسالات السماوية، ويؤمنون كسائر المسلمين بالقرآن الكريم ويتعبرونه كتابهم المقدس، وإلى جانبه يؤمنون بكتاب الحكمة الذي يتكون من مجموعة من الرسائل والمواثيق المدونة من قبل أئمة المذهب الأوائل، ويعتبرونه الكتاب المرجعي الأساسي إلى جانب القرآن في تدبر أمور الدين والدنيا، إضافة لمجموعة من الكتب التي تتولى شرح ما ورد في رسائل ومواثيق الحكمة. ولا يحق لغير الملتزم دينيًا (الشيخ/الشيخة) الإطلاع على ما تتضمنه من نصوص وتعاليم، وتبقى محاطة بالسرية التي تندرج حتى على أبناء وبنات المذهب ممن هم ليسوا بمتدينين. ولا يلزم أي من غير المتدينين بأي واجبات أو طقوس دينية، سواء بالصلاة أو الصيام أو غيرها.
يحتفل مشايخ الدروز بمناسباتهم الدينية عبر إحيائهم لطقوس القراءة والذكر من نصوص القرآن الكريم ورسائل الحكمة ضمن تجمعاتهم الدينية والتي يطلق على كل منها اسم (المجلس). وأبرز هذه المناسبات الدينية هي الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة وعيد الأضحى ورأس السنة الهجرية. وقد يحيي البعض منهم هذه المناسبات في بعض المقامات الخاصة بالأنبياء أو الرجال الصالحين وأبرزها: (مقام النبي يحيى في الجامع الأموي، ومقام النبي هابيل في الزبداني)
تعتبر مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز في السويداء، الممثل الرسمي للدروز، والمؤسسة المسؤولة عن تنظيم شؤونهم الدينية والاجتماعية. كما تتألف رئاسة هيئتها الروحية من ثلاثة مشايخ لكل منهم صفة شيخ العقل ويشكلون بمجموعهم هذه الهيئة. ويتم تولي كل منهم للمنصب وفق نظام التوريث العائلي لا الأسري، للرجل الأوسع علمًا وفقهًا والأكفأ قيادة. إضافة لعدد محدود ممن يعرفوا بالمشايخ الروحيين الذين ينقطعون للعبادة والصلاة ويتسمون بالزهد والتصوف.
أبرز الشخصيات السورية الدرزية: سلطان باشا الأطرش (القائد العام للثورة السورية)، الفنان ناجي جبر، الفنان فهد بلان، الفنان فريد الأطرش، الفنانة أسمهان، الفنانة ضحى الدبس، الفنان غسان الزغبي.
[1] للإطلاع أكثر مراجعة سامي مكارم، مسلك التوحيد،دار ناس للطباعة، بيروت 1980 ،من ص25 حتى 46
[2] الموحدون الدروز ثقافة وتاريخ ورسالة، عباس الحلبي، دار النهار، بيروت 2012، ص21
[3] سامي مكارم، مسلك التوحيد، ص29-30
[4] الموحدون الدروز ثقافة وتاريخ ورسالة، مرجع سابق، ص 37
