الشركس

يقول المؤرخ الروسي الكساندر باشماكوف في كتابه المطبوع عام 1937 في فصل (الآثار الدفينة للميديترانيين) ما يلي ”خلال مدة لم نتمكن من تحديدها بالضبط، ولكن في ظرف يمتد من خمسة آلاف إلى ألفين سنة قبل المسيح، كانت سواحل البحر الأسود كلها محاطة بشعب كاس”

(أديغييا) أي البلاد الشركسية نسبة إلى الشعب الأديغي المعروف لدى الشعوب الأخرى مثل ما ذُكر سابقاً بالشركس، وبذا يصح أن ندعو مواطنهم ب: شركسيا أيضاً وهي الموطن الأم والأصلي للأديغة (الشركس) وتغطي أراضي أديغييا في الأصل كل المساحات التي تمتد من السواحل الشرقية لبحري الأسود وآزوف وشماله باتجاه الداخل الممتد شمال سلسلة جبال القفقاس حتى أراض الشيشان والداغستان في الشرق.

أما في الجنوب فحدود بلاد الشركس هي قمم جبال القفقاس، التي يرتفع أعلاها إلى ارتفاع 7•5642 فوق سطح الأرض في قمة ({أوشحة مافة} وتعني الجبل المبارك أو المقدس) قمة جبل ألبروز في اللغات غير الشركسية..، أعلى قمة في القارة الأوروبية.

والفرق كبير بين أديغييا(شركسيا) التاريخية أو الكبرى ذات الحدود السابقة، وبين مواطن الشركس المبعثرة الحالية والتي هي رقع أو جيوب أرضية قزمة متقلصة عن الوطن الكبير السابق الذي اجتاحه الغزو الاحتلالي الروسي منذ أواسط القرن الثامن عشر ، حيث أباد قرابة مليوني شركسي ، وهجّر أكثر من 000•700•1 آخرين من ديارهم أما الباقون وعددهم لم يكن يزيد على400.000-350.000 فقد حصرهم الروس في بقاع صغيرة مبعثرة فرضوها عليهم ليبقوا تحت سيطرتهم.

والقبائل الجركسية الحالية الرئيسية:

اولا القبائل الشرقية: الداغستانيون: لزكي -لاخ = غازي قوموق، أندلال= آوار. الجاجان: نوخجي، ججن، غالغاي، إينكوش، توش.

ثانياً القبائل الجبلية في الوسط: قوشحه: حسبما يسميهم الاديغة، وهم الاوست ومنهم الديغور والآستين. قره شاي: ويغلب فيهم عنصر تركي وموطنهم قرب جبل ألبروز.

ثالثا قبائل الأديغة في الوسط والغرب: قبرطاي: بسله ني فرعان لقبيلة كبيرة يتكلمان لهجة واحدة. جمكوي: كمر كوي ومن فروعها(مه خوش – يجر قواي – آدمي). حاتقواب. بظه دوغ: فرعاها ججناي وخميشي. آبزاخ ولهم عشائر كثيرة. شابسوغ: نتخواج فرعان لقبيلة كبيرة يتكلمان لهجة واحدة. جيخ: زيك وهم الأوبخ والبراقي

شركس او تشركس او جركس او سركس او سرسك.. كان اسم جركس يطلق على جميع سكان قفقاسيا الشمالية شرقيها وغربيها

وهناك جدل كبير حول اصل التسمية أما الأديغا هم سكان قفقاسيا الشمالية الغربية من الجراكسة، وعليهم انحصر اسم جركس في الايام الأخيرة، واسم أديغة هو الاسم القومي لجراكسة حوض نهر قوبان والقسم الأوسط والقسم الشمالي من ساحل البحر الأسود. اديغة: اسم الشراكسة الأصلي، ومعناه نجيب، أصيل، إنسان نبيل، والشراكسة من السلالة الآرية، وكلمة(آري) معناها باللغة السنسكريتية الهندية أصيل

وفي وقتنا الحاضر عمّ هذا الاسم جميع قبائل الجركس، وذلك فيما بينهم، فالجركسي يقصد بكلمة أديكة جميع الشراكسة بما فيها الداغستان واللزكي والجاجان والقوشحه آستين والقره شاي والابخاز(أباظة) أما اسم جركس فقد عم استعماله لدى المهاجرين حتى على العناصر التركية القفقاسية مثل النوغاي والزبيك وسواهم ممن تجركسوا فعاشوا مع الجراكسة وحاربوا معهم وهاجروا معهم، بل وهم انفسهم يتقبلون فكرة انهم أديغة 

اللغة الأديغية او الشركسية كما يدعوها غير الشركس فرع من فروع أسرة اللغات القفقاسية الأصلية المحلية والتي تشكل اسرة مستقلة بحد ذاتها. ولا تنتمي إلى أي من المجموعات والأسر اللغوية المعروفة. تعد اللغة الشركسية واحدة من اللغات القديمة جداً والنادرة، والتي مازال أبناؤها يتكلمونها إلى اليوم ، وتصنف في زمرة اللغات المقطعية ( التركيبية). ففيها يكون لكل حرف من حروفها تقريباً، معنى أو أكثر بحسب الحركات المميزة للحروف، ونطقها ولفظها. وبجمع مقطع إلى مقطع آخر تتشكل كلمة ذات معنى جديد. هناك قرابة ال 60 حرف.. وتعد واحدة من أغنى اللغات بالاصوات والمخارج الصوتية، التي يصل عددها إلى سبعين صوتا وكذلك تكثر في اللغة الأحرف الحلقية

قبائل الأديغة يتكلمون لغة واحدة ويختلفون في اللهجات، أما قبيلة الأوبخ (الوبه) فيمكن القول ان أفرادها تكلموا لغة شركسية خاصة وتصنف في عداد اللغات المنقرضة ولا يوجد من يتكلم بها اليوم لتناقص أعداد الوبيخ نتيجة الإبادة التي تعرضوا لها على يد الغزاة الروس.

مرت على الشركس طقوس دينية عديدة وآلهة خاصة حتى وصول المسيحية إليها ثم الإسلام.. وكانت أسماء الأرباب الشراكس في العهد الوثني تتجاوز تقريباً الستين اسماً أغلبها كانت مقدسة من قبل كافة الشراكس.. كانوا يحيطون الغابة والشجر بقدسية واحترام كبيرين ولم يكن الشركس يمثلون أربابهم تمثيلاً شخصياً او على شكل أصنام وأجساد مادية بل رمزياً..، إلا ما ندر، إذ كانوا ينزعون إلى التشخيص والتصوير أحياناً

الطقوس والعادات 

حين ذكر العادات الشركسية نذكر (الأديغة خابزة) وهي بمثابة القانون الاجتماعي للعادات تنظم عندهم جميع نواحي الحياة والتربية لكن مرت الحضارة الشركسية بعهود كثيرة وتغيرات لذلك تغيرت العادات مع التغيرات الدينية واختلاف البيئة والبلاد، فهناك بعض الطقوس التي تعود إلى العهد الوثني التي لم تعد متداولة (كالرمي في الماء) في سنين الجفاف وهي إلقاء امرأة او رجل من أفراد أسرة ضربت الصاعقة أحد افرادها وقتلته، ويجب إلقاؤه في غفلة منه ثم اخراجه من الماء فورا  كانت هذه العادة مطبقة حتى اواسط القرن العشرين أما اليوم فإن صلاة الاستسقاء هي البديل الإسلامي المعمول به.

وكذلك هناك دمية الاستمطار وهي طقس قديم عمره اكثر من 3000 سنة وكذلك حلت محله صلاة الاستسقاء، وهناك عادات انوجدت ثم أخدت شكلاً جديداً يتفق مع اساليب العيش الجديدة ك (رصيد الطارئ او القادم) وهي عادة ذات بعد اجتماعي تعاوني خاص بسكان الريف الشركسي ملخصها قيام سكان قرية ما بتخصيص حصة من الأرض مستقلة لا يملكها أحد، يعمل بها الجميع وحصادها يكون مخزونا يخصص للأزمات او كمعونات وقت العواصف، ومازالت أغلب التجمعات الشركسية في الارياف يعملون بهذه العادة تحت مسمى (صندوق القرية) تجمع فيه النقود لصرفها وقت الكوارث والحوادث.

حيث هناك ايضا عادات لازالت متبعة ولكن على مقياس محدود، كالحفل الذي يقام بمناسبة مشي الطفل للمرة الأولى، حيث تقدم للطفل مجموعة من الاشياء والاغراض على طاولة صغيرة، ليمسك بأحد هذه الأغراض وبناءً عليه يحسم ما ستكون مهنة الطفل مستقبلا (إبرة خياطة: خياط) (ريشة تلوين: رسام) إلخ.. والهدف منها هو التسلية فقط هو واجتناع العائلة والأصحاب 

الخطيفة وهي عادة شركسية شائعة وغالبا ما تتبع هذه الطريقة في حال رفض أهل أحد الطرفين للزواج، وهذه العادة لم تهد متداولة كثير وأحياناً يتم القيام بها رغم موافقة كلتا العائلتين للزواج كشكل من أشكال العادات الشركسية وكذلك لم توفره هذه العادة من نفقات، حيث تتم بحسب التقاليد الشركسية المحددة لكل خطوة وحركة ضمن قواعد وأصول الشرف والعفة وغيرها من مقومات المجتمع الشركسي 

وحين يذكر الشركس لابد من ذكر الرقص الشركسي الذي ايضا تغير هدفه مع السنين، فبدأ كأحد طرق العبادة في العهد الوثني ثم تحول إلى وسيلة لتعارف العائلات الشركسية على بعضها خلال الرقصات وحالياً اصبح قسماً اساسياً من الموروث الشركسي فبه تظهر الأديغة خابزة، وبتفاسير لوحاته وحركات الرقص يتم معرفة تفاصيل المجتمع الشركسي في القفقاس، يحدث الرقص الشركسي في التجمعات الشركسية والأعراس والمناسبات، وكذلك أخذ طابعاً مسرحياً ويتم تطويره من قبل فرق عالمية تمثل التراث الشعبي الشركسي. وتكثر العادات والألعاب الشعبية والتقاليد منها ما اندثر ومنها ما تغير، ويختلف أيضاً كثرة تداولها من عائلة إلى أخرى وبمدى انخراط العائلة بالمجتمعات غير الشركسية

الأعياد والمناسبات

يوم العلم: يحييه أديغة (شركس) العالم في 25 نيسان من كل عام. 

ذكرى إبادة الأديغة/ الشركس، ثم تهجيرهم في 21 أيار/ مايو سنة 1864ذكرى إبادة الأديغة/ الشركس، ثم تهجيرهم في 21 أيار/ مايو سنة 1864 ويسمى ايضا يوم الحزن الشركسي او يوم الحداد الشركسي

ال(قدِلوز)

يطلق شراكسة قرية مرج السلطان في سورية الواقعة شرق العاصمة السورية مدينة دمشق، هذا الاسم على مناسبة يحتفلون بها في السادس من أيار من كل سنة، وهواليوم المقابل للثالث والعشرين من شهر نيسان الشرقي في التقويم الفلكي الزراعي في المشرق العربي. وهو نفسه اليوم المعروف في سورية بـ (عيد الخضر)، وبـ (عيد الشهداء) في سورية ولبنان. وكذلك بـ (عيد القديس مار جريس أوجاورجيوس أو سان جورج) أو إلياس أيضاً عند المسيحيين. ويكاد احتفال الشركس بهذه المناسبة يتفق مع ما يجري في مصر من (شم النسيم) وفي وإيران في عيد (النيروز) وغيرهما.

يوم الوطن الشركسي 

13 حزيران هو ذكرى الوطن الشركسي التاريخي الأم، ومراحل احتلال روسيا القيصرية له بعد إباده أهله الشركس وتهجير 95 % من الباقين إلى البلقان وبلدان الشرق الأوسط

موروث عيد الفصح في التراث الشركسي…. والذي ما زالت الطائفة الشركسية المسيحية (20.000- 25.000 نسمة) في منطقة مَزدَ كَو Мэздэгу، في الوطن الأم تحتفل به، وتعني (الفِصح) و (الصيام) وهو عيد عند اليهود والمسيحيين. وهو طقس قديم كان الشركس يمارسونه في العهد الوثني قبل دخول المسيحية إلى ديارهم. احتفال ديني كان يقام في فصل الربيع. إذ كان للشركس القدماء أماكن للعبادة تقع في الخلاء والمروج أو الغابات، يحفظونها نظيفة ومحمية، وكانت لها قدسية وحرمة كبيرة تحمي العائذين بها من العقاب مهما كان جرمهم. وكان الشركس يصومون 48 يوماً قبل عيد الفصح. لم يعد الشركس يمارسون هذا الطقس اليوم، وأصبحت الكلمة تعني عيد الفصح عند المسيحيين. وتذكر الأخبار أن بعض بقايا هذا الطقس شوهدت في القرن التاسع عشر في الوطن الأم”.

عيد الزي الشركسي 29 أيلول من كل عام