
مقام المولى حسن – طرطوس
جماعة دينية غير تبشيرية تعود في أصولها الفقهية إلى الجذر الإسلامي الشيعي. نشأت الدعوة الاسماعيلية على أثر اختلاف في أحقية خليفة الإمام جعفر الصادق من بين أبنائه وأحفاده، حيث كان قد عهد الإمام الصادق بالإمامة من بعده لابنه اسماعيل بن جعفر، إلا أن الأخير قد أذيعت وفاته في حياة أبيه سنة 145 هـــ/746م. وهنا برز الاختلاف حول ذلك، فقد اعتبر الاسماعيليون بأن الإمامة من حق محمد ابن اسماعيل الصادق، وليس من حق أخيه موسى الكاظم معللين ذلك بأن الإمامة لا تعود القهقرى من الأخ إلى أخيه. على خلاف الشيعة التي عرفت فيما بعد بالإثني عشرية التي أيدت إمامة الكاظم والأئمة الذين عقبوه حتى الإمام الثاني عشر (المهدي).
يعرف الإسماعيليون عن ذاتهم بأنهم طائفة مسلمة، سارت على سنة النبي محمد بن عبد الله ونهج الإمام علي ابن أبي طالب. إلا أن بعض علماءهم يرجعونها إلى ما قبل الإسلام وتحديدًا إلى اسماعيل ابن ابراهيم الخليل. ويشترك الإسماعيليون مع الشيعة الإثني عشرية في مفهوم الإمامة في الدين، وقد مروا الأئمة بأدوار من الستر ومن ثم الظهور. وكما يعتبرون أن الدين أصل وفرع، وأما الأصل فهو توحيد الله وتنزيهه عن كل الصفات والنعوت. وأن الباري أوجد العقل أول الموجودات وثانيها النفس وثالثها العقل القائم بالقوة والتي يسميها الداعي الاسماعيلي الكرماني، المنبعث الثاني الأول وهو الهيولى والصورة.
ينتشر الاسماعيليون في العديد من دول العالم، وخاصة في قارة آسيا؛ إيران، الهند، سورية.. ويُقدر عددهم حول العالم بنحو 12 مليوناً وتعتبر مدينة سلمية في محافظة حماه أحد أهم المناطق التي يسكنوها في سورية منذ القدم، حيث كانت سابقًا مركزًا لدعوتهم خلال فترة ضعف الدولة العباسية إضافة لمنطقة مصياف ومدينة حماة. وفي محافظة طرطوس، نهر الخوابي وبلدة القدموس وريفها. يقدر عددهم بحوالي 300 ألف نسمة وهم اليوم يمثلون واحدًا في المئة من السكان في سورية. يتفرعون إلى فرقتين رئيستين هما الاسماعيلية المؤمنية، والاسماعيلية الآغا خانية.
يعتبر المجلس الشيعي الاسماعيلي الأعلى، القيادة الدينية والاجتماعية، وأهم الهيئات الممثلة للاسماعيليين في سورية، إضافة إلى مؤسسة الآغا خان في مدينة السلمية. ولكل من المؤسستين نشاطات ومساهمات على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي في سورية، ولا تنحصر هذه المساهمات في خدمة الاسماعيليين أو مناطقهم المحلية فقط بل تمتد إلى عموم جغرافية التنوع والمناطق السورية.
إلى جانب القرآن الكريم الذي هو كتاب الاسماعيليين المقدس، يستند الاسماعيليون إلى عدد من الكتب التي خطها أئمة المذهب ككتاب إخوان الصفا وخلان الوفا الذي يضم رسائل الأئمة، وكتاب دعائم الإسلام للقاضي للنعمان، إضافة إلى كتاب راحة العقل للكرماني. ويحتفلون بأعياد عامة المسلمين، إلا أن أبرز الأعياد المحتفل بها هي؛ عيد المولد النبوي، عيد الغدير، وعيد الإمامة.
نتيجة مراحل العمل السري والمطاردات الطويلة للإسماعيليين في التاريخ الاسلامي تشكلت طقوس خاصة صارت جزءاً من العقيدة حتى بات يصعب فصلها عنها، وعلى سبيل المثال، كان يستحيل على مجموعات سرية جداً أن تؤذّن وتعلن وجودها في أثناء مواعيد الصلاة، فقد أُلغِي وجود المآذن في مساجد الإسماعيليين، وتكرّس ذلك حتى في المراحل اللاحقة التي توقفت فيها المطاردات بوصفه نوعاً من التمايز، وتحويل اسم الجامع إلى جَمعة، إضافة إلى طقوس الصلاة وما يتبعها من شيء أشبه بالمزار، إذ غالباً ما يقدّم المصلون أفضل منتوجاتهم الزراعية وما لديهم من منتجات، ليشتريها الآخرون في ما يعرف بـ(فكّها) وفق ثمن يجري المزاد فيه لترسو على أعلى الأثمان، وهذا الأمر يتوسع جداً ليشمل تركة الميت، وإقامة (مجلس) على روحه عبارة عن صدر كبير مملوء بفاخر الحلويات، أو في حالات الزواج والمناسبات كالنجاح والتخرج وسواه، وتقديم (ملبس) بعد الصلاة مقابل مبلغ زهيد، بينما يضاف إليه ليلة الإثنين والجمعة الراحة.
يعتبر مقام جلال الدين حسن (المولى حسن) في القدموس، أحد أبرز المقامات لدى الاسماعيليين إضافة إلى جبل المشهد العالي في مصياف الذي يضم عدد من أضرحة الأئمة الإسماعيليين كالإمام أحمد الوفي.
شخصيات سورية اسماعيلية: الكاتب الراحل محمد الماغوط، الشاعر علي الجندي، الكاتب سامي الجندي، الفنانة سلافة معماري، الفنان الراحل محمد قنوع، الفنان فراس ابراهيم.
مصادر هذه اللمحة:
في الاسماعيلية، سليم حسن هشي، مطبعة نمنم، بيروت، لبنان، 1975
الاسماعيليون في سورية مؤشرات الاندماج، طلال مصطفى maseer.net
